الدكتور سيد نافع يكتب : تجديد الخطاب الديني بين الإبداع والإبتداع
هل نحن في حاجة لخطاب ديني مختلف ؟ وهل تجديد الخطاب والفكر الديني يعني هدم الثوابت والأسس أو الإتيان بدين جديد ؟ المقصود بتجديد الخطاب الفكر الديني هو فهم الدين بشكل عصري وجديد لا يناقض الثوابت والأسس فكثير من الإشارات العلمية وردت في الكتاب والسنة وكان يصعب علي السلف فهمها في حينها لعدم توفر العلوم والمعطيات علي سبيل المثال لا الحصر استنساخ البشر وقضايا العقل ولقصور هذا التطور ظهرت موجات الإلحاد التي تدعي بتصادم الدين مع العلم والعقل وكذلك موجات التشدد التي تلغي دور العقل في التدبر وفهم معاني القرآن واكتفوا بما قاله السلف ولم يبنوا عليه ولم يربطوا الأصالة بالحداثة فظهرت الفجوة بين هؤلاء والمجتمع والعلم واكتفت المؤسسات الدينية بالفقه لبتراثي ولم يبحثوا عن المعاصرة وتقديم فقة معاصر يعالج التطور والتغير في شتي مناحي الحياة وظهر القصور في فهم الدين وعلاقته بالسياسة ونظم الحكم وظهر منظري الخلافة دون تحديد وشرح لآليات وسبل تحقيق هذا والصورة النهائية التي تتفق مع العصر وظهر شعارات أخري كالإسلام هو الحل نعم الإسلام لكن كيف ؟ لم يتعرضوا لذلك وكان التطبيق كارثي وظهرت سوأت الفكر وظهرت التيارات الجهادية والتي تدعي حاجة الإسلام للقتال والعنف لنشر الدين وتطبيق الشريعة ، للأسف كانت المؤسسات الدينية والمجامع العلمية قاصرة وغير فاعلة لتغير هذا الفهم المغلوط للدين فانتشرت موجات الإلحاد والتشدد ، واستغل الغرب تلك الحالة في شن هجومه الفكري وحروب الجيل الرابع التي تبث الفتنة والتشكيك وتهدم بنيان وعقيدة الفرد والمجتمع وظهر صراع الهوية وانقسم المجتمع ما بين اسلامي وعلماني وملحد وليبرالي وكل يريد أن يأخذا المجتمع تجاهه .
كثيرا ما تسمع في الاعلام نحتاج تجديد لغة الخطاب الديني ولا احد يتحدث عن ملامح هذه اللغة وهذا الخطاب ، الكل يركز علي الوسطية والبعد عن العنف والتشدد وهذا مهم جدا لكن يتناسون ان التجديد الحقيقي يجب ان يدخل العقل في المعادلة وان يرتبط العلم بالدين لأن القصور في هذا الأمر أدي الي فهم الدين بطريقة سطحية وزاد من موجات الإلحاد في المجتمع وتعتبر المشكلتين وجهين لعملة واحدة فالتشدد يهدد أمن واستقرار المجتمع وكذلك الإلحاد حيث لا ضابط اخلاقي او قيمي فالدنيا عند الملحد هي الهدف وهي الغاية ، فإن كنا نريد خطاب ديني صحيح يؤسس لفكر معتدل ويرسي عقيدة صحيحة يجب ان نظهر تناسق وتوافق الدين مع العلم الحديث وكذلك نفهم الدين بشكل وسطي لأن الدين نهي عن المغالاة والتطرف عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة), وقال تعالي ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ) .
مطلوب فقه وفكر معاصر مطلوب فهم التاريخ الاسلامي واستخلاص العبر والدروس مطلوب تجديد الفهم لكثير من نصوص القرآن والسنة والتجديد ليس بدعة فقد تحدث عنه المصطفي صلي الله عليه وسلم فقال إن الله يرسل علي رأس كل مائة عام من يجدد لها دينها وفي رواية أخري ايمانها وهو عند الحاكم في المستدرك وصححه الألباني ، التجديد ابداع وليس ابتداع والإبداع من أسماء المولي الحسني وصفاته المثلي فهو سبحانه بديع السماوات والأرض.